صلعه محمد عبدو

[sizدخل معلم الصف الخامس الابتدائى الى حجرة الدراسة فوجد الطلاب فى حالة من الانفلات الرقيبى , ووجد اشكالا متعددة من فنون الهرج و المرج فى غياب تام لدور الالفة المناط به حفظ النظام و منع الازعاج فقرر المعلم فورا ان ينزل بجميع طلاب الصف الخامس عقابا رادعا يقضى على اشكال الانفلات و الهرجلة و يبرز هيبة هيئة التدريس و سيطرتها على المدرسة . فرض المعلم على جميع طلاب الصف الخامس ان يحلقوا رؤوسهم صلعة خلال 24 ساعة .. هكذا بدات القضية و من هنا تم نزع فتيل الازمة التى لم يكن المعلم يظن انها ستتجاوز حدود فصله الصغير لتمثل قضية عالمية شغلت العالم اجمع .

فى صبيحة اليوم التالى كان جميع طلاب الصف الخامس قد حلقوا رؤوسهم (صلعة) بإستثناء طالب وحيد يدعى (محمد عبدو) . امهل المعلم ذلك الطالب يوما آخر ليحلق راسه (صلعة) إلا انه فاجا المعلم صبيحة اليوم التالى بعدم تنفيذ العقوبة .هدد المعلم الطالب بإستخدام اساليب بديلة للضغط عليه فى حال تمسكه بموقفه الرافض لحلاقة الصلعة , الا ان محمد لم يحرك ساكنا و ظل متمسكا بقضيته.
صعد المعلم القضية لادارة المدرسة التى قامت بدورها بإستدعاء ولى امر الطالب و إطلاعه على موقف ابنه الذى بات يمثل خروجا واضحا على قانون المدرسة , إلا ان (محمد) فجرها داوية امام الجميع بما فيهم ولى امره انه يرفض تماما اى نوع من العقوبات التى تمثل مساسآ بكرامة الانسان و اعلن تمسكه بقضيته وانه لا توجد قوة فى العالم تستطيع ان تفرض عليه حلاقة رأسه صلعة .
كتبت إدارة المدرسة الى وزارة التربية و التعليم خطابآ يشرح القضية شرحا مفصلا و يطلب من الوزير التدخل لحسم القضية التى خرجت عن سيطرة إدارة المدرسة. عرض الوزير القضية فى اول جلسة لمجلس الوزراء و اعرب عن قلقه تجاه هذه الظاهرة الجديدة و التى قد تمثل نواة صالحة لتكوين حركات (خروج عن القانون , و ان هذا الطالب قد يكون منفذ لأجندة خفية من شأنها مناوأة السلطة و الذهاب بسيادة القانون) و طلب الوزير من مجلس الوزراء اتخاذ قرار رادع يمثل استئصالآ لمثل هذه التصرفات , وبعدها صادق مجلس الوزراء على قرار يقضى بفصل الطالب محمد عبدو من جميع المدارس الابتدائية الحكومية و تم تنفيذ القرار فى غضون ايام وجيزة.
تناقلت وسائل الإعلام المختلفة الخبر و خرجت عناوين الصحف فى اليوم التالى :
مجلس الوزراء يحسم قضية محمد عبدو و ومندوب الصحيفة يورد التفاصيل
بالصورة والقلم حلاقة اكثر من خمسين طالب صلعة فى مدرسة ابتدائية ومراسلنا يغطى الحدث
فى تصريحه لحكايات : محمد عبدو يعد بتصعيد قضيته
وجد قرار مجلس الوزراء رفضا شعبيآ كبيرا و خرجت جماهير الشعب تطلب بإعادة محمد الى المدرسة , صاحب ذلك نشؤ عدد من الحركات الرافضة لنظام العقوبات المدرسية . و بدات جمعيات حقوق الانسان الحديث عن احقية (محمد عبدو) فى الحرية و التعليم و عدم المساس بصلعته , كما بدأ المراقبون يتحدثون عن ضرورة إعادة النظر فى قرار مجلس الوزراء
شكلت مفوضة حقوق الانسان فريقا لتقصى الحقائق قام بزيارة ميدانية لمنزل (محمد عبدو) و اعدت تقريرا مفصلا عن الوضع الماساوى الذى يعيشه بعد فصله من المدرسة واكدت ان على الحكومة التدخل لإعادته على المدرسة قبل حدوث كارثة إنسانية كما بدأت الامم المتحدة الضغط على الحكومة بالتهديد بفرض عقوبات على البلاد فى حال رفضها إعادة النظر فى القرار القاضى بفصل محمد عبدو عن المدرسة فى ذات الوقت الذى تقدمت فيه محكمة العدل الدولية بمقترح للحكومة لتقديم محمد عبدو و المعلم لتنظر فى قضيتهما , إلا ان الحكومة رفضت المقترح بالكلية و اعلنت ان ذلك يمثل مساسآ بسيادتها و بسط سيطرتها على مواطنيها و ان القضاء المحلى قادر على البت فى جميع القضايا الداخلية دون الحوجة لوصاية خارجية .
فى تلك الاثناء كانت المنظمات الطوعية تقدم كافة انواع المساعدات و الإعانات الممكنة لمحمد عبدو للتخفيف من معاناته , فقامت احدى المنظمات بإهدائه (عجلة رالى) موديل العام .كما قامت أخرى بإستبدال الحاسب الآلى لمحمد بانتيوم 1 بلاب توب آخر صيحة كذلك قام عدد من سفراء الامم المتحدة للنوايا الحسنة بزيارة محمد عبدو و قد ضمت قائمت الزوار لاعب كرة القدم ديفيد بيكهام و المطربة نانسى عجرم و الممثلة القديرة منى زكى ووقفوا على حقيقة الاوضاع الماساوية التى يعيشها.
وفى الوقت الذى بدا فيه مجلس الامن الدولى مناقشة مشروع قرار يقضى بفرض عقوبات على الحكومة لعدم تعاونها فى حل ازمة محمد عبدو كان المراقبون يتوقعون حدوث انفراج وشيك فى الازمة و ذلك لتحرك عدد من الدول الشقيقة بمبادرات لإحتواء الازمة داخليآ. و بعد بذل مجهودات جبارة قبلت الحكومة إعادة النظر فى القضية و قامت بتخفيف العقوبة الصادرة ضد محمد من الفصل من المدرسة الى الجلد فى الطابور الصباحى 10 جلدات على مسمع و مرأى من الطلاب . وتم تنفيذ القرار فى بضعة ايام و عاد محمد للدراسة فى مدرستة المتواضعة بالرغم من انه كان قد اصبح شخصية عالمية يشار إليها بالبنان .. و هكذا و اخيرآ تم طوى ملف قضية صلعة محمد عبدو التى استمرت تسلسلاتها ردحا من الزمان .
الآن بعد عدة سنوات و بعد تقوقع ملف القضية فى طى النسيان كشفت بعض الدراسات ان محمد كان (مردف) عند تنفيذ عقوبة الجلد عليه , فهل يا ترى سيعيد ذلك فتح ملف القضية و تأجيج نيرانها من جديد ..

تنبيه :

القصة أعجبتنى وقد كتبها على موقع (الفيس بوك) شاب يوعد بميلاد كاتب ساخر لا يشق له غبار
e=18][/size]