حَيَّ على الزواج
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حَيَّ على الزواج
حَيَّ على الزواج
الجزء الأول
كم هيَ مخيفةٌ ومحزنة تلك الإحصائياتُ والأرقام التي تشيرُ إلى أعدادِ الفتياتِ المتأخرات عن سنِّ الزواج في البلدان الإسلامية؛ ففي الجزائر أكثرُ من عشر ملايين امرأة تجاوزن سن الزواج حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء؛ وفي المغرب ثماني ملايين امرأة وفي مصر أربع ملايين امرأة طبقاً لإعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.. وفي السعودية مليون وخمسمائة ألف امرأة حسبما أشارت دراسة أجرتها وزارة التخطيط قبل سبع سنوات وفي تونس مليون وثلاثمائة ألف امرأة كما في الإحصاء الحكومي قبل ثلاث سنوات؛ وفي قطر بلغت النسبة 15% وارتفعت في الكويت إلى 18% ثم واصلت الصعود في البحرين إلى 20% من عدد النساء..
هذه الأرقام والنسب لمن تجاوزن ثلاثين عاماً الذي يوصفُ بأنه سنُّ العنوسة غالباً؛ وهو سنٌّ مختلفٌ فيه بين بعض البلدان والدراسات طبقاً لاختلاف سنِّ الزواج؛ فبينما يبلغُ سنُّ زواجِ الفتاةِ في اليمن ثمانيةَ عشرَ عاماً نجده في السعودية يصلُ إلى أربعٍ وعشرين سنةً ليرتفعَ في المغرب إلى ثمانيةٍ وعشرين عاماً وفي الأردن - وهي البلدُ الأقلُّ في عدد "العوانس" قياساً بغيرها من البلدان - يرتفعُ سنُّ الزواجِ إلى تسعةٍ وعشرين عاماً.. وفي تونس والجزائر ارتفعت السنُّ إلى ثلاثين سنة. ويتعاظمُ الخطبُ إذا ما علمنا أنَّ "عالم العنوسة" تنضمُ إليه عشراتُ أو مئاتُ الآلافِ من النساء سنوياً؛ علماً أنَّ عدد اللواتي تجاوزن سنَّ الخامسةِ والثلاثين يبلغُ النصفَ تقريباً من بعضِ الأرقامِ المذكورةِ أعلاه- وهي أرقامٌ تحتاجُ إلى تحديث -؛ ولا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ العليِّ العظيم
ومشكلةُ تأخرِ الزواجِ لدى الجنسين كارثةٌ اجتماعية خطيرة توازي أو تتفوقُ على مشكلاتٍ أخرى سياسيةٍ وعسكريةٍ وأمنية واقتصادية وتعليمية ومع ذلك فلم تأخذْ حيِّزَها المناسبِ من الاهتمامِ الرسمي وفي الأدبيات الفكرية والندوات والفعاليات الثقافية وفي عالم الإعلام دون إغفالِ بعض الجهود المشكورة التي بُذلت ولازال بعضها مستمراً غيرَ أنها تبقى محدودةَ الأثرِ بالنسبةِ إلى حجمِ المشكلة وانتشارهاوينبغي التذكيرُ بأنَّ كلِّ فتاةٍ عانسٍ يقابُلها رجلٌ عانسٌ تقريباً؛ ويُقالُ للرجل "عانس" كما نقلَ ابنُ فارس في مُعْجَمِه عن الأصمعي وكفى بهما حُجة .
وإذا أردنا أن نستكشفَ أسبابَ بلوغِ المجتمع الإسلامي "المزواج" هذه الأرقامَ المروعة نقفُ على ما يلي، مع التنبيه إلى أنَّ بعضها أسبابٌ نادرةُ الوقوع:
1. ابتعاد الناس عن الدين وضعف القيم الإسلامية في النفوس والواقع.
2. ضحالة الثقافة الشرعية فيما يخص الولاية والزواج والمهر والتعدد والعدل.
3. ضمور معاني الأسرة في النفوس وخاصة لدى الرجال.
4. ارتفاع المهور وتكاليف الزواج بالإضافة إلى أن الخاطب في بعض المجتمعات يدفع مهراً شرعياً للفتاة إضافة إلى "إتاوات وضرائب" لأبيها وأمها وأخيها وقد تطول هذه السلسة الظالمة. والمهرُ ليس ثمناً للمرأة بل إيناسٌ لها وتلطفٌ معها قبلَ الاستمتاعِ بها وهو حقٌ خالص لها لا يشاركها فيه أحدٌ.
5. البطالة؛ حيث يوجدُ في العالم العربي 25 مليون عاطل حسبما ذكر المديرُ العام لمنظمةِ العملِ العربية في الوقت الذي يستوعبُ العالمُ العربي 18 مليون موظف أجنبي؛ وكشف تقريرٌ صدرَ عن مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية أن 60% من البطالة العربية في قطاع الشباب.
6. الفقر.. إذ أن 23% من سكان الدول العربية يعيشون تحت خط الفقر كما نشرت بعض الصحف.
7. العضل.. وهو الإضرار بالفتاة بمنع زواجها عقاباً أو حياءً أو حمقاً وسوء فهم وتقدير؛ وقد يكون المنع بخلاً بمالها أو خوفاً عليه؛ أو انسياقاً خلف عادات ما أنزل الله بها من سلطان.
8. غياب أثرِ القيِّم في أسرٍ كثيرةٍ من ناحيةِ إصلاح الأبناء والعائلة ابتداءً وتقويمهم إن حادوا عن صراط الله القويم.
9. الأثر الذي لا يُنكر لوسائل الإعلام كما سأشيرُ فيما بعد؛ وقد عزا بعض الشباب انصرافهم عن الزواج إلى بعض الفضائيات التي يديرها أو يمتلكها فسقة المسلمين.
10. وجود بدائلَ غيرَ شرعيةٍ للتنفيس عن الشباب؛ فكم من خليلةٍ منعت الشُبان من حليلة! كما أنَّ رواجَ سوق الفاسقات منعَ زواجَ العفيفات الطاهرات. وفي هذا السياق يبرز شذوذ الرجال وشذوذ النساء وهي مسألةٌ حرية بالدراسة.
11. الأحلام الوردية الخيالية التي ترسمها بعض البنات لشريك المستقبل؛ ومثله الصفات التعجيزية التي يطلبها الشاب في رفيقة حياته؛ وعجباً لمن يعترفُ بنقصه كيف يبحثُ عن كاملٍ يستحيل وجوده.
12. الدراسة؛ وهو سببٌ يُذكر على استحياء! فمتى كان العلم ضد الزواج؟ ولو كان فأيهما أولى للفتاة التي تسري غريزة الأمومة في روحها قبل جسدها؟ ومن راقب طفلةً صغيرة وجد مصداق ذلك في حنانها مع ألعابها.
13. بعض العادات والرسوم الاجتماعية التي تنتشر غالباً في القرى والبادية؛ ومنها حجر البنت لابن عمها، وحرمان الصغيرة من نصيبها بحجة وجود أختها الأكبر إضافةً إلى بعض شروط المساواة والكفاءة في جوانب المال والتعليم والإعراض عن الزواج الجماعي أو المختصر.
14. مرورُ أحد أقارب أو معارف الفتى أو الفتاة بتجرِبةٍ سيئة أدت إلى رفضه أو رفضها الزواج وهذا سببٌ نادر.
15. غياب هذا الموضوع عن وسائل التأثير والاتصال والتوجيه، وإن كان حاضراً بدرجة لا تكفي وطريقةٍ غير مرضية أحياناً.
16. رَفْضُ التعدد من قبل الفتيات؛ والإحجامُ عنه من قبل الرجال؛ ونظرة بعض المجتمعات الإسلامية له بشيء من الريبة والتنقص.
17. انتشار أنواع أخرى من "الزواج"؛ وبعضها يفتقد الأركان الشرعية للزواج مثل الزواج العرفي والزواج المدني.. وفي مصر وحدها رصدت دراسةٌ أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية عشر آلاف حالة زواج عرفي بين مديرٍ وسكرتيرته! ونحو ربع مليون حالة بين طلبة المدارس والجامعات... وبعض أنواع الزواج أفسده "الذواقة" من الرجال كزواج المسيار المعروف سابقاً بزواج النهاريات.
18. السياحة الجنسية؛ وقد تكون بسفر الرجال للخنا والزنا عياذاً بالله أو سفرهم لما يتوهمونه زواجاً شرعياً وقلما يكون. وقد تكون السياحة بقدوم العاهرات للبلدان الإسلامية لممارسة البغاء ونشر الأوبئة؛ وكم من بلدٍ "إسلامي" دَبَّ فيه العهر ودرج بما لا يصلح معه إلا فتحٌ إسلامي جديد؛ وبعض البلدان الإسلامية ستكون في المستقبل القريب بؤرةً للإيدز والأمراض الجنسية في المشرق الإسلامي على ذمة منظمة الصحة العالمية. وقد زار صحفي فرنسي بلداً إسلامياً فلما عاد من مهمته الصحفية لم يزد على أن وصف ذلكم البلد العزيز على قلوبنا بأنه ماخور؛ والمشتكى لله وحده ممن تسلطوا على عفاف المسلمات فيه.
19. الزواج من الأجنبيات وهو سبب ثانوي؛ والأجنبية المقصودة هنا النصرانية كما في التعريف الشرعي للأجنبي أنه أحد اثنين: إما الكافر أو مَنْ ليس محرماً.
20. مصادمة شرع الله بالقوانين الوضعية؛ فالقانون المبكي في تونس يحرم التعدد ويعده جريمة، والقانون المضحك في المغرب يلزمُ الزوجَ بأخذ موافقةٍ خطية من زوجه الأولى على التعدد.
21. انصراف الحكومات الإسلامية عن واجبها تجاه هذا الموضوع؛ ونحن لا نحمِّل الحكومات جميع المسؤولية لكننا نطالبها بالالتفات للقضايا الاجتماعية بدءاً من الدقة والتحري في اختيار الوزراء المعنيين بالتربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والإعلام والعدل ومروراً بالتخطيط للقضاء على العنوسة ضمن خطط التنمية وانتهاءً بمراقبة النتائج والتفاعل معها.
22. ترفعُ بعض الرجال عن الزواج بدعوى الانشغال بالعلم؛ وعجباً لهم فالزواج سنة إمام العلماء صلى الله عليه وسلم؛ وعزوبة قلة من العلماء لا يقاس عليها ألبته.
23. أنفةُ بعض النساء من الزواج تيهاً وكبراً؛ وقد رُوي في تاريخ الهند المسلمة أن الأميرةَ زينب النساء ابنة الشاه محي الدين عالمكير-وهو سادسُ حاكمٍ مغولي للهند? لم تتزوج قط لغيرتها بأن تكون ضجيعةً لأحد الرجال لأنها كانت شاعرةً تسحرُ الألبابَ وتفلقُ القلوبَ ولا تضاهيها امرأةٌ في الهند بجودة القريحة وسلامة الفكرة ولطافة الطبع.
24. فقدان بعض الشباب لأهلية الزواج بسبب انغماسهم في الملذات والشهوات أو غرقهم في مستنقع المخدرات أو تلوثهم بالأوبئة الفتاكة أو كسلهم فلا تجارة ولا عمل ولا حرفة. وأذكر أن عميد إحدى الكليات الطبية قال لي قبل ثلاثة عشر عاماً: عندي خمسُ بناتٍ وإذا تأملتُ واقعَ الشبابِ حرتُ كيفَ سأرضى منهم أزواجاً لبناتي! فاللهم نسألك صلاح القلوب ورقي العقول وزكاة النفوس.
ولا نمضي للحلول المقترحة قبل الوقوف عند وسائل الإعلام لنرى جرمها في حقِّ المجتمعات الإسلامية وخيانة بعضها التي تستوجب إصلاحاً بمبضعٍ أمضى من مقصِّ الرقيب وأحد.
فمما جناه الإعلام العاهر دون الإعلام المحافظ:
1. تزهيد الرجال بالنساء من خلال عرض صور الفاتنات اللاتي لا يوجد في النساء مثلهن؛ وهؤلاء النسوة يقضين ساعاتٍ طويلةً للتزين على يد خبراء في تزيين الوجوه وتزييفها؛ وأذكر أن رجلاً فتنته ممثلة؛ فجهد حتى عرف عنوانها وسافر إليها حاملاً هديةً ثمينة؛ فلما بلغ مسكنها وجده متواضعاً في حيٍّ شعبي وشاهدها بصورتها الحقيقية التي لا تلفت النظر بله الافتتان.
2. تزهيد النساء بالرجال لما يرين خلف الشاشات من صور الشباب المرفه المتأنق المثقف المقتدر مادياً و"الرومانسي" للغاية وهذا ما لا يوجد في الحقيقة.
3. الترويج للفجور والدعارة وكل قبيح من القول والفعل من خلال الإعلانات أو التعريف بالبرامج السياحية المشبوهة أو الإخبار عن طرق "الوقاية" من المرض والحمل؛ ويكفي فتنة الرجال بكل قبيح وجهه حسن ليتجشم الشبان المصاعب لبلوغ الوحل ومن خاض في الوحل تلوث.
4. تحسين القبيح وتقبيح الحسن؛ ونظرةٌ واحدة لحال المعدد في التمثيليات تكفي لتشويه هذا الحل الإسلامي الفاعل لمشكلة العنوسة، وبالمقابل فنظرة للصديق مع صديقته كفيلةٌ بترويج هذا المبدأ بين المسلمين.
5. عدم العناية بموضوع العنوسة وهي مشكلة عامة للجنسين؛ ولو أن رجلاً ظلم امرأة مرة واحدة لكُتبت المقالات واستنفرت البرامج الحوارية طاقاتها للحديث عن هذه المأسأة.
6. تضخيم جانب عمل المرأة ودراستها على حساب الزواج والأسرة، ولو شُغلت الصحافة والوزارات المعنية بموضوع عمل الشباب ومقاومة بطالتهم لعالجنا مشكلة البطالة الرجالية وأكثر من نصف مشكلة العنوسة.
7. إيهام المرأة باستغنائها عن الزوج؛ ولو افترضنا صحة ذلك فكيف لنا باستغنائها عن معاني الأمومة؟ سيقول لنا المرجفون: تربي طفلاً أو طفلة من مجهولي النسب؛ وحينها سنقول لهم: مَنْ الذي هيَّج غريزة والد هذا اللقيط المسكين وغريزة والدته؟ وهل ابن البطن كابن الشارع؟
8. لا توجد مساحة كافية في وسائل الإعلام للحديث عن مشاريع المساعدة على الزواج والتوفيق بين الجنسين بالحلال؛ وقد يعود السبب إلى أحادية هذه الوسائل وإقصائها المتعمد لمن تخالفه ويخالفها حتى لو كان عمله مفيداً للمجتمع بأسره.
9. إشاعة المباهاة في الزواج من خلال الإغراق في نشر صور الحفلات والدعايات حتى للأشياء التافهة كقصائد عقد القران وقصائد ليلة الزواج وغيرها.
الجزء الأول
كم هيَ مخيفةٌ ومحزنة تلك الإحصائياتُ والأرقام التي تشيرُ إلى أعدادِ الفتياتِ المتأخرات عن سنِّ الزواج في البلدان الإسلامية؛ ففي الجزائر أكثرُ من عشر ملايين امرأة تجاوزن سن الزواج حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء؛ وفي المغرب ثماني ملايين امرأة وفي مصر أربع ملايين امرأة طبقاً لإعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.. وفي السعودية مليون وخمسمائة ألف امرأة حسبما أشارت دراسة أجرتها وزارة التخطيط قبل سبع سنوات وفي تونس مليون وثلاثمائة ألف امرأة كما في الإحصاء الحكومي قبل ثلاث سنوات؛ وفي قطر بلغت النسبة 15% وارتفعت في الكويت إلى 18% ثم واصلت الصعود في البحرين إلى 20% من عدد النساء..
هذه الأرقام والنسب لمن تجاوزن ثلاثين عاماً الذي يوصفُ بأنه سنُّ العنوسة غالباً؛ وهو سنٌّ مختلفٌ فيه بين بعض البلدان والدراسات طبقاً لاختلاف سنِّ الزواج؛ فبينما يبلغُ سنُّ زواجِ الفتاةِ في اليمن ثمانيةَ عشرَ عاماً نجده في السعودية يصلُ إلى أربعٍ وعشرين سنةً ليرتفعَ في المغرب إلى ثمانيةٍ وعشرين عاماً وفي الأردن - وهي البلدُ الأقلُّ في عدد "العوانس" قياساً بغيرها من البلدان - يرتفعُ سنُّ الزواجِ إلى تسعةٍ وعشرين عاماً.. وفي تونس والجزائر ارتفعت السنُّ إلى ثلاثين سنة. ويتعاظمُ الخطبُ إذا ما علمنا أنَّ "عالم العنوسة" تنضمُ إليه عشراتُ أو مئاتُ الآلافِ من النساء سنوياً؛ علماً أنَّ عدد اللواتي تجاوزن سنَّ الخامسةِ والثلاثين يبلغُ النصفَ تقريباً من بعضِ الأرقامِ المذكورةِ أعلاه- وهي أرقامٌ تحتاجُ إلى تحديث -؛ ولا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ العليِّ العظيم
ومشكلةُ تأخرِ الزواجِ لدى الجنسين كارثةٌ اجتماعية خطيرة توازي أو تتفوقُ على مشكلاتٍ أخرى سياسيةٍ وعسكريةٍ وأمنية واقتصادية وتعليمية ومع ذلك فلم تأخذْ حيِّزَها المناسبِ من الاهتمامِ الرسمي وفي الأدبيات الفكرية والندوات والفعاليات الثقافية وفي عالم الإعلام دون إغفالِ بعض الجهود المشكورة التي بُذلت ولازال بعضها مستمراً غيرَ أنها تبقى محدودةَ الأثرِ بالنسبةِ إلى حجمِ المشكلة وانتشارهاوينبغي التذكيرُ بأنَّ كلِّ فتاةٍ عانسٍ يقابُلها رجلٌ عانسٌ تقريباً؛ ويُقالُ للرجل "عانس" كما نقلَ ابنُ فارس في مُعْجَمِه عن الأصمعي وكفى بهما حُجة .
وإذا أردنا أن نستكشفَ أسبابَ بلوغِ المجتمع الإسلامي "المزواج" هذه الأرقامَ المروعة نقفُ على ما يلي، مع التنبيه إلى أنَّ بعضها أسبابٌ نادرةُ الوقوع:
1. ابتعاد الناس عن الدين وضعف القيم الإسلامية في النفوس والواقع.
2. ضحالة الثقافة الشرعية فيما يخص الولاية والزواج والمهر والتعدد والعدل.
3. ضمور معاني الأسرة في النفوس وخاصة لدى الرجال.
4. ارتفاع المهور وتكاليف الزواج بالإضافة إلى أن الخاطب في بعض المجتمعات يدفع مهراً شرعياً للفتاة إضافة إلى "إتاوات وضرائب" لأبيها وأمها وأخيها وقد تطول هذه السلسة الظالمة. والمهرُ ليس ثمناً للمرأة بل إيناسٌ لها وتلطفٌ معها قبلَ الاستمتاعِ بها وهو حقٌ خالص لها لا يشاركها فيه أحدٌ.
5. البطالة؛ حيث يوجدُ في العالم العربي 25 مليون عاطل حسبما ذكر المديرُ العام لمنظمةِ العملِ العربية في الوقت الذي يستوعبُ العالمُ العربي 18 مليون موظف أجنبي؛ وكشف تقريرٌ صدرَ عن مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية أن 60% من البطالة العربية في قطاع الشباب.
6. الفقر.. إذ أن 23% من سكان الدول العربية يعيشون تحت خط الفقر كما نشرت بعض الصحف.
7. العضل.. وهو الإضرار بالفتاة بمنع زواجها عقاباً أو حياءً أو حمقاً وسوء فهم وتقدير؛ وقد يكون المنع بخلاً بمالها أو خوفاً عليه؛ أو انسياقاً خلف عادات ما أنزل الله بها من سلطان.
8. غياب أثرِ القيِّم في أسرٍ كثيرةٍ من ناحيةِ إصلاح الأبناء والعائلة ابتداءً وتقويمهم إن حادوا عن صراط الله القويم.
9. الأثر الذي لا يُنكر لوسائل الإعلام كما سأشيرُ فيما بعد؛ وقد عزا بعض الشباب انصرافهم عن الزواج إلى بعض الفضائيات التي يديرها أو يمتلكها فسقة المسلمين.
10. وجود بدائلَ غيرَ شرعيةٍ للتنفيس عن الشباب؛ فكم من خليلةٍ منعت الشُبان من حليلة! كما أنَّ رواجَ سوق الفاسقات منعَ زواجَ العفيفات الطاهرات. وفي هذا السياق يبرز شذوذ الرجال وشذوذ النساء وهي مسألةٌ حرية بالدراسة.
11. الأحلام الوردية الخيالية التي ترسمها بعض البنات لشريك المستقبل؛ ومثله الصفات التعجيزية التي يطلبها الشاب في رفيقة حياته؛ وعجباً لمن يعترفُ بنقصه كيف يبحثُ عن كاملٍ يستحيل وجوده.
12. الدراسة؛ وهو سببٌ يُذكر على استحياء! فمتى كان العلم ضد الزواج؟ ولو كان فأيهما أولى للفتاة التي تسري غريزة الأمومة في روحها قبل جسدها؟ ومن راقب طفلةً صغيرة وجد مصداق ذلك في حنانها مع ألعابها.
13. بعض العادات والرسوم الاجتماعية التي تنتشر غالباً في القرى والبادية؛ ومنها حجر البنت لابن عمها، وحرمان الصغيرة من نصيبها بحجة وجود أختها الأكبر إضافةً إلى بعض شروط المساواة والكفاءة في جوانب المال والتعليم والإعراض عن الزواج الجماعي أو المختصر.
14. مرورُ أحد أقارب أو معارف الفتى أو الفتاة بتجرِبةٍ سيئة أدت إلى رفضه أو رفضها الزواج وهذا سببٌ نادر.
15. غياب هذا الموضوع عن وسائل التأثير والاتصال والتوجيه، وإن كان حاضراً بدرجة لا تكفي وطريقةٍ غير مرضية أحياناً.
16. رَفْضُ التعدد من قبل الفتيات؛ والإحجامُ عنه من قبل الرجال؛ ونظرة بعض المجتمعات الإسلامية له بشيء من الريبة والتنقص.
17. انتشار أنواع أخرى من "الزواج"؛ وبعضها يفتقد الأركان الشرعية للزواج مثل الزواج العرفي والزواج المدني.. وفي مصر وحدها رصدت دراسةٌ أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية عشر آلاف حالة زواج عرفي بين مديرٍ وسكرتيرته! ونحو ربع مليون حالة بين طلبة المدارس والجامعات... وبعض أنواع الزواج أفسده "الذواقة" من الرجال كزواج المسيار المعروف سابقاً بزواج النهاريات.
18. السياحة الجنسية؛ وقد تكون بسفر الرجال للخنا والزنا عياذاً بالله أو سفرهم لما يتوهمونه زواجاً شرعياً وقلما يكون. وقد تكون السياحة بقدوم العاهرات للبلدان الإسلامية لممارسة البغاء ونشر الأوبئة؛ وكم من بلدٍ "إسلامي" دَبَّ فيه العهر ودرج بما لا يصلح معه إلا فتحٌ إسلامي جديد؛ وبعض البلدان الإسلامية ستكون في المستقبل القريب بؤرةً للإيدز والأمراض الجنسية في المشرق الإسلامي على ذمة منظمة الصحة العالمية. وقد زار صحفي فرنسي بلداً إسلامياً فلما عاد من مهمته الصحفية لم يزد على أن وصف ذلكم البلد العزيز على قلوبنا بأنه ماخور؛ والمشتكى لله وحده ممن تسلطوا على عفاف المسلمات فيه.
19. الزواج من الأجنبيات وهو سبب ثانوي؛ والأجنبية المقصودة هنا النصرانية كما في التعريف الشرعي للأجنبي أنه أحد اثنين: إما الكافر أو مَنْ ليس محرماً.
20. مصادمة شرع الله بالقوانين الوضعية؛ فالقانون المبكي في تونس يحرم التعدد ويعده جريمة، والقانون المضحك في المغرب يلزمُ الزوجَ بأخذ موافقةٍ خطية من زوجه الأولى على التعدد.
21. انصراف الحكومات الإسلامية عن واجبها تجاه هذا الموضوع؛ ونحن لا نحمِّل الحكومات جميع المسؤولية لكننا نطالبها بالالتفات للقضايا الاجتماعية بدءاً من الدقة والتحري في اختيار الوزراء المعنيين بالتربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والإعلام والعدل ومروراً بالتخطيط للقضاء على العنوسة ضمن خطط التنمية وانتهاءً بمراقبة النتائج والتفاعل معها.
22. ترفعُ بعض الرجال عن الزواج بدعوى الانشغال بالعلم؛ وعجباً لهم فالزواج سنة إمام العلماء صلى الله عليه وسلم؛ وعزوبة قلة من العلماء لا يقاس عليها ألبته.
23. أنفةُ بعض النساء من الزواج تيهاً وكبراً؛ وقد رُوي في تاريخ الهند المسلمة أن الأميرةَ زينب النساء ابنة الشاه محي الدين عالمكير-وهو سادسُ حاكمٍ مغولي للهند? لم تتزوج قط لغيرتها بأن تكون ضجيعةً لأحد الرجال لأنها كانت شاعرةً تسحرُ الألبابَ وتفلقُ القلوبَ ولا تضاهيها امرأةٌ في الهند بجودة القريحة وسلامة الفكرة ولطافة الطبع.
24. فقدان بعض الشباب لأهلية الزواج بسبب انغماسهم في الملذات والشهوات أو غرقهم في مستنقع المخدرات أو تلوثهم بالأوبئة الفتاكة أو كسلهم فلا تجارة ولا عمل ولا حرفة. وأذكر أن عميد إحدى الكليات الطبية قال لي قبل ثلاثة عشر عاماً: عندي خمسُ بناتٍ وإذا تأملتُ واقعَ الشبابِ حرتُ كيفَ سأرضى منهم أزواجاً لبناتي! فاللهم نسألك صلاح القلوب ورقي العقول وزكاة النفوس.
ولا نمضي للحلول المقترحة قبل الوقوف عند وسائل الإعلام لنرى جرمها في حقِّ المجتمعات الإسلامية وخيانة بعضها التي تستوجب إصلاحاً بمبضعٍ أمضى من مقصِّ الرقيب وأحد.
فمما جناه الإعلام العاهر دون الإعلام المحافظ:
1. تزهيد الرجال بالنساء من خلال عرض صور الفاتنات اللاتي لا يوجد في النساء مثلهن؛ وهؤلاء النسوة يقضين ساعاتٍ طويلةً للتزين على يد خبراء في تزيين الوجوه وتزييفها؛ وأذكر أن رجلاً فتنته ممثلة؛ فجهد حتى عرف عنوانها وسافر إليها حاملاً هديةً ثمينة؛ فلما بلغ مسكنها وجده متواضعاً في حيٍّ شعبي وشاهدها بصورتها الحقيقية التي لا تلفت النظر بله الافتتان.
2. تزهيد النساء بالرجال لما يرين خلف الشاشات من صور الشباب المرفه المتأنق المثقف المقتدر مادياً و"الرومانسي" للغاية وهذا ما لا يوجد في الحقيقة.
3. الترويج للفجور والدعارة وكل قبيح من القول والفعل من خلال الإعلانات أو التعريف بالبرامج السياحية المشبوهة أو الإخبار عن طرق "الوقاية" من المرض والحمل؛ ويكفي فتنة الرجال بكل قبيح وجهه حسن ليتجشم الشبان المصاعب لبلوغ الوحل ومن خاض في الوحل تلوث.
4. تحسين القبيح وتقبيح الحسن؛ ونظرةٌ واحدة لحال المعدد في التمثيليات تكفي لتشويه هذا الحل الإسلامي الفاعل لمشكلة العنوسة، وبالمقابل فنظرة للصديق مع صديقته كفيلةٌ بترويج هذا المبدأ بين المسلمين.
5. عدم العناية بموضوع العنوسة وهي مشكلة عامة للجنسين؛ ولو أن رجلاً ظلم امرأة مرة واحدة لكُتبت المقالات واستنفرت البرامج الحوارية طاقاتها للحديث عن هذه المأسأة.
6. تضخيم جانب عمل المرأة ودراستها على حساب الزواج والأسرة، ولو شُغلت الصحافة والوزارات المعنية بموضوع عمل الشباب ومقاومة بطالتهم لعالجنا مشكلة البطالة الرجالية وأكثر من نصف مشكلة العنوسة.
7. إيهام المرأة باستغنائها عن الزوج؛ ولو افترضنا صحة ذلك فكيف لنا باستغنائها عن معاني الأمومة؟ سيقول لنا المرجفون: تربي طفلاً أو طفلة من مجهولي النسب؛ وحينها سنقول لهم: مَنْ الذي هيَّج غريزة والد هذا اللقيط المسكين وغريزة والدته؟ وهل ابن البطن كابن الشارع؟
8. لا توجد مساحة كافية في وسائل الإعلام للحديث عن مشاريع المساعدة على الزواج والتوفيق بين الجنسين بالحلال؛ وقد يعود السبب إلى أحادية هذه الوسائل وإقصائها المتعمد لمن تخالفه ويخالفها حتى لو كان عمله مفيداً للمجتمع بأسره.
9. إشاعة المباهاة في الزواج من خلال الإغراق في نشر صور الحفلات والدعايات حتى للأشياء التافهة كقصائد عقد القران وقصائد ليلة الزواج وغيرها.
ياسرالهروال- عضومشارك
- عدد المساهمات : 37
نقاط : 84
السٌّمعَة : 0
التسجيل : 14/01/2010
رد: حَيَّ على الزواج
شكرا علي الموضوع القيم
اتمني ان ينصلح حال المجتمع..
اتمني ان ينصلح حال المجتمع..
محمد كمال- مشرف منتدى الحلفاية الحووش الكبير
- عدد المساهمات : 377
نقاط : 483
السٌّمعَة : 4
التسجيل : 30/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى